السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة الإيمان بالكتب :هو التصديق الجازم بأن لله كتباًأنزلها على أنبيائه ورسله ، والإيمانبالقرآن على أنه ناسخ لما قبله وأنالله خصه بمزايا عما سبقه من الكتبوأن الله تكلم به حقيقة .
والكتب المراد بها هنا : الكتب التيأنزلها الله تعالى على رسله رحمةللخلق وهداية لهم ليصلوا بها إلىسعادتهم في الدنيا و الآخرة .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمانبأن نزولها من عند الله حقاً .
الثاني: الإيمان بما علمنـااسمه منها كالقرآن الذي نزل على محمدصلى الله عليه وسلم ، والتوراة التيأنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ،والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلىالله عليه وسلم ، والزبور الذي أوتيهداود صلى الله عليه وسلم ، وأما ما لمنعلم اسمه فنؤمن به إجمالا.
الثالث : تصديق ما صح منأخبارها كأخبار القران وأخبار مالميبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع : العمل بأحكام ما لمينسخ منها والرضا والتسليم به سواءفهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميعالكتب السابقة منسوخة بالقرانالعظيم ، قال الله تعالى {وَأَنزَلْنَآإِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِمِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناًعَلَيْهِ}19 أي حاكماً عليـه.
وعلى هذا فلا يجوزالعمل بـأي حكم من أحكام الكتبالسابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.
والإيمان بالكتب يثمرثمرات جليلة منها :
الأولى : العلم بعناية اللهتعالى بعباده حيث أنزل لكل قومكتاباً يهديهم به .
الثانية : العلم بحكمة اللهتعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم مايناسب أحوالهم ، كما قال الله تعالى : {لِكُلّجَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةًوَمِنْهَاجاً}20 .
الثالثة : شكر نعمة الله فيذلك .
الإيمان بالرسل :هو التصديق الجازم بأن الله تعالىبعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلىعبادة الله وحده لا شريك له والكفربما يعبد من دونه ، وأن جميعهم صادقونأتقياء أمناء وأنهم بلغوا البلاغالمبين وأقاموا حجة الله علىالعالمين .
و الرسل: جمع رسول بمعنى مرسل، أيمبعوث بإبلاغ شيء.
والمراد هنا : من أوحي إليه من البشربشرع وأمر بتبليغه .
وأول الرسل : نوح وأخرهم محمد صلىالله عليه وسلم قال الله تعالى :{إِنّآأَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآأَوْحَيْنَآ إِلَىَ نُوحٍوَالنّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ}21 وفي صحيحالبخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنهفي حديث الشفاعة أن النبي صلى اللهعليه وسلم ذكر أن الناس يـأتونإلى آدم ليشفع لهم فيعتذر إليهمويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه اللهوذكر تمامالحديث وقال الله تعالى في محمد صلىالله عليه وسلم : {مّا كَانَمُحَمّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّنرّجَالِكُمْ وَلَـَكِن رّسُولَاللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ}22
ولم تخل أمة من رسوليبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلىقومه أو نبي يوحي إليه بشريعة من قبلهليجددها ، قال الله تعـالى: {وَلَقَدْبَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاًأَنِ اعْبُدُواْ اللّهَوَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ }23.
والرسل : بشر مخلوقون ليسلهم من خصائـص الربوبية والألوهيةشيء، قال الله تعـالى عن نبيه محمدصلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسلوأعظمهم جاهاً عند الله {قُل لاّأَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُوَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَلاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِوَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْأَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌلّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}24 .
وتلحقهم خصائـص البشرية من المرضوالموت والحاجة إلى الطعام والشرابوغير ذالك ، قال الله تعـالى عنإبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفهلربه تعالى: {وَالّذِي هُوَيُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالّذِي يُمِيتُنِي ثُمّ يُحْيِينِ}25 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم :"إنمـاأنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذانسيت فذكروني".
وقد وصفهم الله تعـالى بالعبودية لهفي أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناءعليهم، فقال تعالى في نوح صلى اللهعليه وسلم : {إِنّهُ كَانَ عَبْداًشَكُوراً}26 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم : {تَبَارَكَالّذِي نَزّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىَعَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَنَذِيراً}27 ، وكذا في بقيةالأنبياء والرسل عليهم السلام.
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بـأنرسالتهم حق من الله تعالى فمن كفربرسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع ،كما قال الله تعالى: {كَذّبَتْ قَوْمُنُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}28 فجعلهم اللهمكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكنرسول غيره حين كذبوه ، وعلى هذافالنصارى الذين كذبوا محمدا صلى اللهعليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبونللمسيح بن مريم غير متبعين له أيضا ،لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى اللهعليه وسلم ، ولا معنى لبشارتهم به إلاأنه رسول إليهم ينقذهم الله به منالضلالة ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنااسمه منهم مثل: " محمد وإبراهيموموسى وعيسى ونوح " عليهم الصلاةوالسلام وهؤلاء الخمسة هم أولواالعزم من الرسل . قال تعالى : {وَإِذْأَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَمِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍوَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَىابْنِ مَرْيَمَ}29
وأما من لم نعلم اسمهمنهم فنؤمن به إجمالا قال اللهتعـالى : {وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَمِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَوَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْعَلَيْكَ} 30
الثالث:تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة منأرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلىالله عليه وسلم المرسل إلى جميعالناس قال الله تعـالى: {فَلاَوَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتّىَيُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَبَيْنَهُمْ ثُمّ لاَ يَجِدُواْ فِيَأَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مّمّاقَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً}1. وللإيمان بالرسلثمرات جليلة منها:
الأولى : العلم برحمة اللهتعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهمالرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالىويبينوا لهم كيف يعبدون الله، لأنالعقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى علىهذه النعمة الكبرى .
الثالثة: محبة الرسل عليهمالصلاة والسلام وتعظيمهم والثناءعليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل اللهتعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغرسالته والنصح لعباده.
وقد كذب المعاندون رسلهم زاعمين أنرسل الله تعالى لا يكونون من البشر،وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم وأبطلهبقوله: {وَمَا مَنَعَ النّاسَأَن يُؤْمِنُوَاْ إِذْ جَآءَهُمُالْهُدَىَ إِلاّ أَن قَالُوَاْأَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رّسُولاً *قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِمَلآئِكَةٌ يَمْشُونَمُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَاعَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاًرّسُولاً}32.